سيناريوهات محتملة: ماذا بعد زيارة “بيلوسي” لتايوان؟

  • فردوس عبد الباقي
  • مها علام

 

في تحدٍّ للتحذيرات الصينية المتتابعة هبطت طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” في مطار “سونجشان” بتايبيه عاصمة تايوان، على رأس وفد من الكونجرس في جولة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ بداية من يوم 31 يوليو 2022 لتزور كلًا من سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان. وفي تعليقها على الزيارة، أكدت “بيلوسي” التزام واشنطن بدعم الديمقراطية في تايوان بما لا يتناقض مع السياسة الأمريكية. وهو ما أثار حالة من الترقب حول رد الفعل الصيني على هذه الخطوة، التي وصفتها بكين بـــــ”المستفزة”؛ الأمر الذي فتح الباب أمام إطلاق التساؤلات بشأن السيناريوهات المحتملة لماهية هذا الرد سيما في ظل الأجواء المحيطة المحفزة على التصعيد.

أجواء محفزة

تأتي زيارة “بيلوسي” لتايوان في ظل أجواء مشحونة في هذه المنطقة، بطريقة قد تدفع تداعيات تلك الزيارة لتخرج عن نطاق المألوف؛ وهو ما يمكن التدليل عليه بالنظر إلى عدد من الأمور التي يمكن توضيحها على النحو التالي:

  • تحفيز النزعة القومية الصينية:

تكشف الزيارة عما تكنه الصين من أهمية لتايوان، فهي تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، كما أكد الرئيس “شي” أثناء احتفالات مرور 100 عام على إنشاء الحزب الشيوعي الصيني أن ضم تايوان للصين يعد أمرًا حتميًا لا مفر منه لتجديد شباب الأمة الصينية. وهو ما يجعل هناك قضية قومية لشحذ الهمة الشعبية تجاه تلك القضية لحين حدوث الضم فعليًا ولتأهيل الشعب للتعامل مع أية عواقب مستقبلية جراء ذلك.

كما تأتي الزيارة بالتزامن مع سعي الرئيس “شي” لتأمين فترة ولاية ثالثة لأول مرة بعد تعديل الدستور الصيني، وليكون ثاني زعيم صيني يتمتع بولاية ثالثة بعد “ماو تسي تونج”، وذلك خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني العشرين في أواخر العام الجاري. وبالتالي، فإن تحفيز قضية قومية على هذا المستوى من الأهمية قد يعزز من صورة وقوة وفرص الرئيس الصيني في الاستمرار. ما يعني أن تايوان –وفق هذا المنظور– ستصبح أحد أهم مصادر الشرعية للقيادة الحالية.

  • التفاعلات الجارية في المنطقة:

تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة مجموعة من التفاعلات متعددة المجالات بين القوى المختلفة بقيادة كل من واشنطن وبكين، إذ باتت منطقة المحيطين الهندي والهادئ على رأس أولويات الولايات المتحدة لتطويق نفوذ الصين باعتبارها أحد أهم منافسيها؛ وتجلى هذا في التوصل لاتفاق “أوكوس” مع كل من أستراليا وبريطانيا في سبتمبر 2021، وإعادة الحوار الأمني الرباعي “كواد” لدائرة الضوء، بالإضافة إلى الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الذي طرحه “بايدن” خلال جولته الآسيوية الأخيرة.

وعلى الجانب الصيني، تعمل بكين على إقامة تحالفات أو تكتلات تضمن لها مناوئة ما تقوم به الولايات المتحدة، وقد ظهر هذا على سبيل المثال في الشراكة الإقليمية الشاملة مع 15 دولة حول العالم، والعمل على طرح مبادرات للتنمية مع دول جزر المحيط الهادئ. بالإضافة إلى العمل على قانون لفرض العقوبات استعدادًا في المستقبل لمواجهة أية عقوبات قد يتم فرضها عليها جراء قيامها بتوجيه ضربة لتايوان.

وفيما يتعلق بالتفاعلات المرتبطة بالزيارة، كانت هناك استعدادات متبادلة بين الجانبين الصيني والأمريكي على مستوى وزارات الدفاع؛ فهناك رصد أمريكي مستمر لأية تحركات صينية في المنطقة لتأمين خطة للحفاظ على سلامة “بيلوسي”. ومن الجانب الصيني، أعلن الجيش الصيني الاستمرار في مناوراته في مضيق تايوان مع احتفالات الذكرى 95 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، بالإضافة إلى القيام بمناورات يوم الرابع من أغسطس الجاري بعد التأكيد على الاستعداد لعملية عسكرية محدودة.

  • سعي الإدارة الأمريكية لبلورة قضية ذات توافق داخلي:

تشهد الساحة الداخلية الأمريكية منذ وصول الرئيس “بايدن” لسدة الحكم حالة من الانقسام الشديد، الذي حاولت إدارة “بايدن” تجاوزها عبر التأكيد مجددًا على القيادة العالمية لواشنطن مع بلورة البعد القيمي لها، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى تصوير الساحة الدولية باعتبارها صراع بين المعسكر الديمقراطي والمعسكر الاستبدادي الذي تأتي في مقدمته الصين. ومن ناحية أخرى، تشهد الساحة الأمريكية أيضًا مشكلات متداخلة ومعقدة بطريقة أثرت على شعبية الإدارة الديمقراطية ودفعت إلى تزايد التكهنات بشأن الخسارة المدوية للديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام، وكذا وصول قيادة جمهورية في الانتخابات الرئاسية.

ومن ثم، قد تطل زيارة “بيلوسي” لتايوان كمسألة تحمل قدر كبير من التوافق الداخلي بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، انطلاقًا من كونها إعادة تأكيد على قيادة واشنطن للعالم ودعمًا للحلفاء في المعسكر الديمقراطي العالمي ومواجهة سلوك الصين العدواني. الأمر الذي قد يرفع من أسهم القيادة الديمقراطية، بل ويعزز من فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي.

  • حرب التصريحات بين الطرفين حول الزيارة: 

جاءت الزيارة في ظل حرب تصريحات صينية أمريكية حول الجزيرة؛ فقد هددت الصين بإجراءات تصعيدية حال إتمام “بيلوسي” الزيارة. وقد سبق أن هدد “بايدن” بالتدخل العسكري في حالة إقدام الصين على غزو تايوان، وهو ما دفع الصين بالتهديد بعدم ترددها بشن الحرب لمنع خروج تايوان عن سيطرتها. إذ حذر الرئيس الصيني “شي جين بينج” خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس “بايدن” يوم الخميس 28 يوليو بعبارة “الذين يلعبون بالنار يحرقون أنفسهم في نهاية المطاف”.

هذا، وقد أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “تشاو ليجيان” إلى أن حدوث الزيارة سيكون بمثابة “تدخل جسيم في الشئ الداخلية للصين، وسيؤدي إلى تطورات وعواقب خطيرة للغاية”، وأكد أيضًا أن “الصين على أهبة الاستعداد، وأن جيش التحرير الشعبي الصيني لن يقف أبدًا مكتوف الأيدي، وأن الصين ستتخذ ردودًا حاسمة وإجراءات مضادة قوية للدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها”.

السيناريوهات المحتملة

بعد وصول “بيلوسي” لتايوان، ورفع حالة الاستعداد من جميع الأطراف، يمكن الإشارة إلى أن المشهد يحمل عدد واسع في السيناريوهات، يمكن إجمالها في 3 سيناريوهات رئيسة: 

  • السيناريو الأول (رد صيني حازم): استنادًا إلى التصريحات الصينية يتضح أن بكين لن تتوانى عن أخذ رد فعل قوي تجاه الزيارة كي تثبت أنها لا تتوقف فقط عند إطلاق التهديدات، وإنما لديها القدرة على تنفيذ ما هددت به، وأن تحذيراتها كانت في محلها، ولأنه لو تم التعامل الهادئ من الصين تجاه الزيارة في حالة حدوثها، فإن الصين بذلك تشجع المعسكر المؤيد لاستقلال تايوان خاصةً مع سعي الرئيس الصيني “شي جين بينج” لتأمين ولاية ثالثة في قيادة الحزب الشيوعي الصيني.

فقد أشار محللون إلى تعليق “لا تقل إنه لم يتم تحذيرك”، وهو تصريح كان مؤهلًا للحرب الحدودية بين الصين والهند في عام 1979 كتعبير عما يمكن أن تقوم به الصين بعد التحذير من حدوث تلك الزيارة. وفي يوم السبت 30 يوليو؛ أعلنت السلطات الصينية المشرفة على الأمن البحري بدء تدريبات عسكرية في المحيط المباشر للسواحل الصينية بالذخيرة الحية في منطقة “فوجيان” التي تعد أقرب نقطة لتايوان، بما يعد رسالة واضحة لأية جهود خارجية تخص تايوان.

كما بثت قيادة المسرح الشرقي بجيش التحرير الشعبي مقطع فيديو لاستعراض الأسلحة والتكتيكات القتالية، ومع الفيديو تم نشر بيان للجيش أشار فيه إلى: “نحن على استعداد تام لمواجهة أي احتمال بناء على أوامر، ودفن كل متسلل، وتحرك نحو عمليات مشتركة وناجحة. نحن جنود جيش التحرير الشعبي نقسم بالدفاع عن الوطن الأم حتى الموت”. وأشارت وكالة “رويترز” إلى إن عدة طائرات حربية صينية حلقت قرب خط الوسط الذي يقسم مضيق تايوان، وأن السفن والطائرات الحربية الصينية ضغطت على خط الوسط في خطوة غير معتادة.

ويستند هذا السيناريو إلى الاحتمالات المتعلقة بتوجيه ضربة عسكرية لتايوان ردًا على الزيارة، كما قد يتجاوز الأمر إلى استغلال الصين الفرصة لشرعنة إجراءات ضمها لتايوان في ظل عدم الالتزام الأمريكي بسياسة الصين الواحدة وعدم احترامها لسيادة الصين. كما أن رد الفعل الغربي على الحرب الروسية ضد أوكرانيا قد يمثل محفزًا إضافيًا للصين لسببين؛ يتعلق الأول بانشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، وينصرف الثاني إلى تواضع رد الفعل الغربي تجاه سيطرة روسيا على شرق أوكرانيا.

أما عن توقيت الضربة الصينية، فإما أن يتم أثناء تواجد “بيلوسي” في تايوان وهو يعكس رغبة صينية في دخولها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وهو ما لم يحدث. أو أن تتم الضربة في أعقاب مغادرة “بيلوسي” لتايوان، وهو ما سيحمل رسالة تصعيد لأمريكا دون مواجهة مباشرة. إلا أنه أيًا كان التوقيت، فإن التحرك الصيني تجاه تايوان يتطلب من الولايات المتحدة رد فعل قوي؛ الأمر الذي يضع العالم على مشارف حرب عالمية جديدة.

  • السيناريو الثاني (تكرار أزمة مضيق تايوان): أحد السيناريوهات المطروحة ردًا على الزيارة أشبه بأزمة مضيق تايوان الثالثة في عام 1995، حين توجه الرئيس التايواني آنذاك “لي تنغ هوي” إلى الولايات المتحدة، وهو ما ردت عليه الصين بإطلاق صواريخ في المياه المحيطة بتايوان، وانتهت الأزمة بعد أن أرسلت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة لدعم تايبيه. أي أن هذا السيناريو يعكس احتمالات الرد المحدود من الطرفين إدراكًا منهما لخطورة التصعيد وتكلفته.

كما يقلل البعض في تايوان من احتمالية تنفيذ بكين تهديدها تجاه الزيارة؛ ففي عام 1997 زار الجزيرة رئيس مجلس النواب آنذاك “نيوت غينغريتش”، وكان رد فعل بكين وقتها معتدلًا نسبيًا. وهذا يعني أنه في حالة وجود رد فعل صيني، فمن غير المرجح أنه سيشعل صراعًا عسكريًا كبيرًا، إذ من المستبعد أن تقدم الصين على عمل يوصف بالـ”متهور” تجاه سلامة رئيسة مجلس النواب.

ويشار هنا إلى تخفيف اللهجة العسكرية في تصريح المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة “تشانغ جون” حين أكد حدوث الزيارة سيضر بالعلاقات الأميركية الصينية، والمفترض بواشنطن أن تتفهم عواقب هذه الخطوة، لأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وقضية وحدة الأراضي بالنسبة لبكين خط أحمر”، لكن أيضًا يمكن القول إن عدم ذكر الجانب العسكري في هذا التصريح لا يعني احتمالية عدم استخدامه.

يستند هذا السيناريو بشكل رئيس إلى القيام بعمليات عسكرية محدودة مثل: استهداف القوات التايوانية التي تقف على أهبة الاستعداد على الحدود التايوانية، الاتجاه لفرض حظر طيران على تايوان، والعمل على تعطيل مضيق تايوان بما يعرقل إمدادات التكنولوجيا العالمية لأن تايوان هي أكبر مصنع للرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات. كما يمكن أن تتجه الصين إلى معاقبة تايوان بالأداة الاقتصادية من خلال العمل على عزلها اقتصاديًا.

الأمر الذي قد يدفع واشنطن لتوفير مزيد من الدعم لتايوان من جانب، والاتجاه لتوسيع وتكثيف العقوبات الاقتصادية على الصين من جانب آخر. ما يعني أن العالم سيشهد حالة اقتصادية حرجة سيما وأنه يعاني بالفعل من تداعيات اقتصادية خانقة جراء الموجات المتتالية للجائحة والحرب الروسية الأوكرانية.

  • السيناريو الثالث (الحرب الكلامية): ينطلق هذا السيناريو من فكرة أساسية مفادها عدم تجاوز الأزمة الحالية المتعلقة بزيارة “بيلوسي” لتايوان لحدود الحرب الكلامية وتجاوز التصريحات التصعيدية من الجانبين، وبعض التحركات الدبلوماسية. ويمكن الاستناد في ذلك إلى التاريخ الطويل من التصريحات السلبية المتبادلة بين واشنطن وبكين والتي لم تنعكس فعليًا على الأرض في شكل احتكاك عسكري مباشر.

يستند هذا السيناريو إلى الإدراك الصيني بشأن عدم استعدادها الحالي للدخول في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، ناهيك عن رغبتها في تجنب الدخول في أي صدام سينجم عنه تكلفة اقتصادية باهظة بما سيظهر كمعرقل لأهدافها الاقتصادية التي ستمكنها من قيادة العالم اقتصاديًا. هذا، بجانب أن الزيارة لن تتجاوز فكرة تعزيز الصورة الأمريكية القائمة على القيم، ومن ثم، فإن الزيارة – في صورتها الحالية – لا تحمل أية تبعات قانونية أو سياسية أو استراتيجية بطريقة تتطلب من الصين الرد الضخم. علاوة على ذلك، تواجه الصين أعباء اقتصادية هائلة جراء الموجات المتتالية من الجائحة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ما يعني بالنسبة لها أن الوقت غير مناسب لتحمل المزيد من الأعباء حاليًا. وهو ما عكسه بيان وزارة الخارجية الصينية في أعقاب الزيارة الذي أكد على وحدة الصين وتايوان من جانب، وضرورة الاحترام المتبادل والتعايش السلمي وتجنب المواجهة والتعاون المتبادل المنفعة مع واشنطن من جانب آخر.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، يبدو أنها استهدفت من الزيارة تعزيز صورتها كقائد للنظام الدولي والمدافع عن قيم الحرية والديمقراطية، ولكن هذا لا ينفي – بالضرورة- خشيتها من تبعات المواجهة المباشرة مع الصين. وهو الذي انعكس في تضارب التصريحات على نطاق واسع في الداخل الأمريكي، ما بين التأكيد على استمرار سياسة واشنطن تجاه الصين من جانب، والإشارة إلى إمكانية التدخل عسكريًا حال تطلب الأمر من جانب آخر. فقد صرح وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” معربًا عن أمله في إدارة الولايات المتحدة والصين لخلافتهما بحكمة بشأن تايوان كما نجحا طوال أكثر من أربعين عامًا. بينما أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية “مارك ميلي” إلى أنه “لو طلبت “بيلوسي” دعمًا عسكريًا، سنفعل ما هو ضروري لضمان قيامها بمهمتها على أكمل وجه”.

واتصالًا بهذا، يتضح أن تأثير هذا السيناريو هو الأفضل بالنسبة العالم، إذ يقلل من احتمالية تحمل المزيد من التكاليف المرتبطة بالصراعات والنزاعات والحروب. ولكن في المقابل، ستتضرر صورة الصين كثيرًا، كونها لم تفي بالتصريحات التصعيدية التي أطلقتها تباعًا، والتي أكدت فيها على أنها لم تسمح بأي تجاوز يطال سيادة الصين.

استنادًا إلى ما سبق، وفي ظل حالة التشابك والضبابية التي تغلف المشهد، ناهيك عن التعقيد الذي تتصف به الحسابات السياسية للدول، يبدو من الصعب ترجيح حدوث أي من السيناريوهات السابقة؛ لكن يمكن القول إن السيناريو الثاني هو صاحب الفرص الأكبر في الحدوث انطلاقًا من المعطيات المتاحة حتى الآن، إذ يقوم على ردود فعل متوسطة نسبيًا من كل الأطراف بدون تهور أو تجاوز للخطوط الحمراء.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/20320/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M