مستقبل مقلق: تداعيات التصحر في إفريقيا

هايدي الشافعي

 

في محاولة لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد التدهور السريع للأراضي والاستجابة لحالة الطوارئ المناخية، شهدت مدينة أبيدجان عقد مؤتمر الأطراف الخامس عشر (COP15) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) خلال الفترة من 9 حتى 20 مايو، بحضور العديد من رؤساء الدول الأفريقية، وانضم إليهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “عبر الفيديو”، إلى جانب وزراء ومندوبين من الأطراف الـ196 في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وأعضاء من القطاع الخاص والمجتمع المدني والنساء وقادة الشباب ووسائل الإعلام.

تأتي القمة في أبيدجان على خلفية التحذير الشديد الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر بأن ما يصل إلى 40% من جميع الأراضي الخالية من الجليد قد تدهورت بالفعل، وفي الوقت الذي تواجه فيه العديد من الدول الأفريقية، ولا سيما في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، موجات جفاف ممتدة، ومستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن 18 مليون شخص في منطقة الساحل الأفريقي سيواجهون جوعًا حادًا خلال الفترة بين يونيو وأغسطس 2022، وكذا يقدر تقرير حديث صدر عن مجموعة المساعدات الإنسانية وورلد فيجن أن 9.1 ملايين شخص في سبع دول في شرق أفريقيا يعيشون في حالة طارئة من انعدام الأمن الغذائي، من المرحلة الرابعة والخامسة (المجاعة)، مدفوعين بالجفاف الشديد إلى جانب الصراعات وتحديات فيروس كورونا، فضلًا عن الارتفاع القياسي لأسعار المواد الغذائية.

أبعاد ظاهرة التصحر في أفريقيا

من المفيد في هذا الصدد الوقوف على الوضع الحالي للتصحر في أفريقيا، باعتبارها القارة الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة، وما يمكن أن تحمله من تداعيات اقتصادية واجتماعية وبيئية لشعوب القارة.

  • الوضع الحالي: أفريقيا الأكثر تضررًا

يعتبر التصحر مشكلة خطيرة تمتد عبر مناطق مختلفة في جميع أنحاء العالم، حيث يتدهور كل عام حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي، أي ما يعادل مساحة دولة بلجيكا أو بنين، لكنها منتشرة بشكل خاص في أفريقيا، حيث تفقد القارة الأفريقية حوالي 4.4 مليون هكتار إضافية من الأراضي كل عام، وذلك بمعدل زيادة متسارع عن 3.4 مليون هكتار سنويًا كانت تفقدها أفريقيا خلال العقد 2000-2010، وتدهور ما يقدر بنحو 65% من الأراضي الصالحة للزراعة، و30٪ من أراضي الرعي و20٪ من الغابات، وهو ما يكلف القارة 68 مليار دولار سنويًا، ويؤثر على 180 مليون شخص، معظمهم من فقراء الريف.

وفي سياق متصل، أصدرت الأمم المتحدة في 27 أبريل 2022 تقريرًا عن الأرض، بعنوان “توقعات الأراضي العالمية”، وقدم هذا التقرير تنبؤات مقلقة، تفيد بأن ظواهر مثل التحضر وإزالة الغابات، وكذلك الممارسات الزراعية والغذائية الحالية، ستؤدي إلى تدهور 16 مليون كيلومتر مربع من الأرض بحلول عام 2050، أو ما يقرب من نصف القارة الأفريقية، وستظهر هذه الخسارة المحتملة بشكل رئيسي في أفريقيا، حيث يؤثر التصحر على حوالي 46٪ من أراضي القارة بشكل عام، ولا سيما في منطقة الساحل والمغرب العربي.

وفي دراسة سابقة نُشرت في 29 سبتمبر 2021 حول الوتيرة البطيئة لاستعادة الأراضي المتدهورة في أفريقيا، أشارت الأمم المتحدة بالفعل إلى أن القارة بها حوالي مليار هكتار من الأراضي الجافة، وتختفي أربعة ملايين هكتار من الغابات كل عام، فضلًا عن أن 319 مليون هكتار من أفريقيا معرضة لمخاطر التصحر بسبب حركة الرمال.

  • الأسباب والتداعيات:

يقصد بالتصحر تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، وهي ظاهرة متداخلة ومعقدة، ناتجة بشكل أساسي عن عدة عوامل، بعضها متعلق بالتغيرات المناخية التي اشتدت وتيرتها في السنوات الأخيرة، من فيضانات وجفاف وحرائق، والبعض الآخر ناتج عن تدخلات بشرية مثل الإفراط في الزراعة، والرعي الجائر، واحتجاز المياه، وإزالة الغابات، حيث يقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أن 58٪ من التصحر الأفريقي ناتج عن رعي الماشية، كما تساهم الأنشطة الزراعية السيئة، في حوالي خُمس التصحر في أفريقيا. بالإضافة لذلك، تسهم عوامل مثل الفقر والزيادة السكانية في ارتفاع معدلات التصحر، حيث يضطر السكان إلى الاستمرار في زراعة الأراضي في كل فصول السنة دون إيلائها الرعاية اللازمة، مما يؤدي إلى تعرية التربة وتعرضها للتصحر سريعًا.

من جهة أخرى، يؤدي فقدان الأراضي الصحية، وتراجع غلات المحاصيل، نتيجة عملية التصحر، إلى عدم توافر الغذاء الكافي للأفراد، مما يستدعي عمليات نزوح داخلية للبحث عن أراضٍ صالحة للزراعة، ومن ثم زراعتها بطرق مكثفة من أجل إنتاج أكبر كمية ممكنة من المحصول، وهو ما يؤدي إلى تدهور التربة وتعريتها، والتي تمثل بداية عملية التصحر، حيث تتميز معظم التربة في أفريقيا بنسبة منخفضة من الطين، مما يجعلها سهلة الزراعة وأيضًا سهلة الفقد، وبذلك تصبح العديد من المجتمعات محاصرة في دوامة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، تؤدي إلى مزيد من تدهور الأراضي وتفاقم ندرة المياه.

فضلًا عن التداعيات الأمنية والاقتصادية الأخرى المحتملة نتيجة عمليات الهجرة والنزوح الجماعي من منطقة لأخرى بحثًا عن الأراضي الخصبة والمياه، حيث يعد التصحُّر والجفاف من أهم الأسباب البيئيَّة للهجرة والنزوح حول مناطق المياه والرعي، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأراضي الزراعية في البلاد المستقبلة، وهو ما يزيد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل الموارد المائية والغذائية المحدودة، قد تندلع الصراعات، مما يُسفِر عن مزيد من المجاعات، وزيادة القلاقل الاجتماعية والاقتصادية.

بالإضافة لذلك، يُعد تدهور الأراضي أيضًا محركًا رئيسيًا لتغير المناخ، ويمكن أن يؤدي فقدان الغابات إلى جعل المجتمعات أكثر عرضة للكوارث المرتبطة بالطقس مثل الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات، فبينما تسهم المساحات الخضراء في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتقليل الاحترار العالمي، فإن إزالة الغطاء النباتي نتيجة التصحر، يضاعف من مخاطر التغيرات المناخية، وتصبح التقلبات الجوية أكثر حدة، مما يؤدي بالتبعية إلى مزيد من التصحر، وتدخل القارة في حلقة مفرغة لا تنتهي.

  • استعادة الأراضي المتدهورة ضرورة ملحّة:

تمثل استعادة الأراضي المتدهورة إحدى أهم الأدوات لعكس مسار التصحر، وتقليل الخسائر المترتبة عليه، حيث أظهرت الأبحاث أنه إذا تمكنت منطقة الساحل وغرب أفريقيا من استعادة 10٪ من الأراضي الزراعية سنويًا من خلال تقنيات الإدارة المستدامة للأراضي، فقد يصل العائد على الاستثمار إلى ما بين 50 و170 مليون دولار سنويًا. وبهذا الصدد قدرت إمكانية استعادة الغابات والأراضي المتدهورة في أفريقيا بأكثر من 720 مليون هكتار، وهي مساحة تقارب مساحة أستراليا، بما في ذلك 221 مليون هكتار بحاجة إلى الاستعادة داخل الأراضي الجافة بأفريقيا، و166 مليون هكتار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي، و55 مليونًا في منطقة الجنوب الأفريقي.

وإدراكًا لأهمية عكس مسار فقدان الغابات والأراضي وتدهورها، تعهدت الحكومات الأفريقية بالتزامات طموحة، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي. فمثلاً في عام 2007 تم إطلاق السور الأخضر العظيم للصحراء والساحل، وهي مبادرة تهدف لاستعادة الأراضي المتدهورة على نطاق واسع وتمتد لحوالي 8000 كيلومتر وتشمل 11 دولة أفريقية (بوركينافاسو، وجيبوتي، وإريتريا، وإثيوبيا، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال، والسودان، وتشاد). وكانت الفكرة الرئيسية للمبادرة هي أن غرس الأشجار يمكن أن يكافح التصحر، ويخلق فرص عمل، ويحسن الأمن الغذائي ويعيد السكان المهاجرين إلى أوطانهم. وتهدف المبادرة إلى استعادة 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في البلدان الأحد عشر، بحلول عام 2030، وعزل 250 مليون طن من الكربون، وخلق 10 ملايين فرصة عمل مراعية للبيئة.

ومع ذلك، وفقًا لتقرير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، تم تحقيق ما بين 4 ٪ و20 ٪ فقط من الأهداف الأولية بحلول عام 2020، بسبب الفساد وسوء الإدارة ونقص التمويل، مما دعا إلى إنشاء مسرّع مبادرة السور الأخضر العظيم، بمبادرة فرنسية، إبّان مؤتمر قمة الكوكب الواحد الذي عُقد في 11 يناير 2021، لإضفاء زخم جديد على هذه المبادرة، وتعهد المجتمع الدولي بحوالي 14 مليار دولار لمدة 5 سنوات، أي ما يقرب من نصف مبلغ 33 مليار دولار الذي يقول الاتحاد الأفريقي إنه سيكون اللازم لاستكمال الجدار بحلول عام 2030.

بالإضافة لذلك، أطلقت الدول الأفريقية مبادرات أخرى لتحقيق أهداف مماثلة، ففي عام 2015 تم إطلاق مبادرة “استعادة المناظر الطبيعية للغابات الأفريقية (AFR100)” لاستعادة 100 مليون هكتار بحلول عام 2030، وفي عام 2018، التزمت الحكومات الأفريقية باستعادة 200 مليون هكتار ضمن خطة عموم أفريقيا لاستعادة النظم البيئية لبناء القدرة على الصمود.

وعلى الرغم من تداخل هذه المناطق، واستمرار فقدان الغابات وتدهور الأراضي، إلا أن هذا الالتزام من جانب الحكومات الأفريقية يوضح وجود إرادة سياسية لاستعادة الأراضي المتدهورة، وكبح جماح التصحر، ولكن تحديات مثل الفساد وسوء الإدارة ونقص التمويل تقف عائقًا أمام تحقيق المستهدف. لذا تهدف دول القارة الأفريقية بشكل رئيسي من هذا المؤتمر وغيره من المحافل الدولية المعنية بتأثير التغيرات المناخية إلى حشد التمويل الدولي للمشروعات المناخية الوطنية والإقليمية، كجزء من المسئولية الدولية تجاه الدول الأقل نموًا والأكثر تضررًا.

مؤتمر الأطراف الخامس عشر: قرارات واسعة والتزامات محدودة

بعد ما يقرب من أسبوعين من المحادثات حول التصحر والجفاف، اختتم مؤتمر الأطراف الخامس عشر لمكافحة التصحر يوم الجمعة 20 مايو في أبيدجان، مع تبني 38 قرارًا للاستثمار في استعادة الأراضي وتخفيف آثار الجفاف، كان أبرزها: تسريع استعادة مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030، وتعزيز مقاومة الجفاف من خلال تحجيم توسع الأراضي الجافة، وتحسين السياسات الوطنية والإنذار المبكر، والرصد والتقييم، وتعبئة التمويل لمكافحة الجفاف، بالإضافة إلى إنشاء فريق عمل حكومي دولي معني بالجفاف للفترة 2022-2024 للنظر في الخيارات الممكنة، لدعم التحول من رد الفعل إلى إدارة الجفاف الاستباقية.

فضلًا عن خلق فرص اجتماعية واقتصادية تزيد من مرونة الريف واستقرار سبل العيش، وتعبئة الموارد اللازمة لمشاريع استعادة الأراضي، وذلك كمساهمة في معالجة الهجرة القسرية والنزوح الناجمين عن التصحر وتدهور الأراضي. هذا إلى جانب دعم مشاركة المرأة والشباب في العمليات والمشاريع التي تنبثق عن اتفاقية مكافحة التصحر.

علاوة على ذلك، تعهدت الأطراف بمعالجة العواصف الرملية والترابية وغيرها من مخاطر الكوارث المتصاعدة من خلال تصميم وتنفيذ الخطط والسياسات، بما في ذلك الإنذار المبكر وتقييم المخاطر، والتخفيف من الأسباب البشرية لهذه العواصف.

وبالإضافة إلى القرارات الرئيسية، تضمنت النتائج المهمة الأخرى لمؤتمر الأطراف الخامس عشر ثلاثة إعلانات رئيسية:

  • نداء أبيدجان: وهو برنامج رئيسي لتعبئة 1.5 مليار دولار على مدى خمس سنوات لاستعادة “النظم الإيكولوجية للغابات المتدهورة في كوت ديفوار” وتعزيز الإدارة المستدامة للتربة، في كوت ديفوار التي فقدت 80% مساحة غاباتها بسبب التصحر، مع إمكانية تكييف المبادرة لتصلح لباقي الدول، وتتضمن المبادرة أربعة محاور، تشمل: محاربة إزالة الغابات واستعادة الغابات المتدهورة؛ وضمان الأمن الغذائي من خلال التكثيف المستدام لإنتاج الغذاء؛ وجعل سلاسل القيمة الحالية أكثر استدامة بدون تصحر؛ وتحديد سلاسل القيمة الجديدة المقاومة للمناخ.

وفور إطلاق المبادرة، أعلن بنك التنمية الأفريقي عن خطط لتعبئة 500 مليون دولار أمريكي لدعم التنفيذ، بالإضافة إلى تعبئة 502 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي، و50 مليون يورو من المانيا.

  • إعلان أبيدجان بشأن تحقيق المساواة بين الجنسين من أجل الاستعادة الناجحة للأراضي، ويهدف من بين أمور أخرى إلى: إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة فيما يخص تملك الأراضي، والمشاركة الكاملة والمتساوية والفعالة في إدارتها على المستوى الإقليمي والوطني، وتسهيل وصول النساء إلى التكنولوجيا والموارد للمشاركة في جهود استعادة الأراضي المتدهورة، فضلًا عن العمل على إدراج معايير المساواة بين الجنسين في تطوير ومنح التمويل من أجل الإدارة المستدامة للأراضي، واستعادة الأراضي والتأهب للجفاف والقدرة على الصمود.
  • إعلان COP15 “الأرض والحياة والإرث”: وتضمن تطلعات وأهدافًا طموحة، أبرزها: دعوة الدول الأطراف لاتّباع نهج منهجي في حفظ الأراضي واستعادتها، وكذلك الإدارة المستدامة لعكس مسار تدهور الأراضي، بالإضافة إلى دعوة الأطراف إلى السعي لزيادة فعالية الشراكات والتمويل والتعاون على جميع المستويات، وتعزيز الاستثمارات الموجهة لمكافحة التصحر والدعم التكنولوجي والتقني، وحث الدول على اتّباع نهج استباقي وشامل تجاه العواصف الرملية والتخفيف من آثار الجفاف، والتحرك نحو أنظمة أغذية أكثر استدامة، فضلًا عن الحاجة إلى زيادة تعميم المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات في التنمية المتعلقة بالتصحر/ تدهور الأراضي، والسياسات والأنشطة المتعلقة بالجفاف داخل السياق الوطني.

ختامًا، على الرغم من الأهمية القصوى لظاهرة التصحر وتأثيراتها الواسعة، إلا أن مؤتمر مكافحة التصحر لا يحظى بذات الاهتمام العالمي لمؤتمر التغيرات المناخية، وهو ما يفسر ضآلة الالتزامات الدولية خلال المؤتمر وعموميتها. فعلى الرغم من تبني 38 قرارًا وثلاثة إعلانات خلال جلسات المؤتمر، إلا أنها تبدو أهدافًا وطموحات عامة، ولا ترقى إلى التزامات فعلية، باستثناء الاستثمارات الموجهة لمبادرة أبيدجان، وإنشاء فريق العمل الحكومي المعني بالجفاف. ومع ذلك، يمكن أن تمثل قمة المناخ “cop27” المقرر عقدها في مصر نوفمبر 2022، فرصة أخرى لدول القارة الأفريقية لانتزاع مزيد من الالتزامات الدولية الأكثر تحديدًا، لمساعدة الدول الأفريقية في إحراز بعض التقدم في التزاماتها نحو قضايا التغيرات المناخية، بما في ذلك مكافحة التصحر، لأن الأضرار المترتبة على عدم الالتزام، أو النتائج المرجوة منه، لن تقف تأثيراتها عند حدود القارة، وستمتد للكوكب بأكمله.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/19603/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M