الانشقاق العسكرى السودانى وعودة قوات التدريب المصرية

لواء \ محمد قشقوش

 

فى البداية نأسف لما آل إليه الموقف العسكرى والاقتتال فى السودان الشقيق، الجار الجنوبى المباشر لمصر على امتداد دائرة عرض 22 شمالًا، والمشارك لمصر فى حضارة وادى النيل الذى يمثل شريان الحياة والحبل السُرى بينهما، والتاريخ المشترك ومقاومة الاحتلال البريطانى الذى احتل مصر أولا ثم تمدد لاحتلال السودان تحت إدارة مصرية لوضع بذور الفرقة وتحت العلم البريطانى لسلب خيراتهما مع إغراء ملك مصر بلقب ملك مصر والسودان. وهو ما أنهته ثورة يوليو 1952 بعد التخلص من الاستعمار البريطانى وإنهاء إجلائه عام 1956 لتعيد مصر جمال عبد الناصر الاستقلال الكامل للسودان فى نفس العام وإنزال علم الاستعمار البريطانى عن الخرطوم وإلى الأبد.

وودت أن أشير إلى ذلك ردًا على المضللين وكارهي التقارب المصري السوداني وخاصة وقت الأزمات التي نحن بصدد إحداها. وأُذكرهم بالمثل السوداني “إللى مالو خال بمصر ما هو سودانى” فى إشارة إلى وحدة النسب والدم.

ونعود إلى أزمة الانشقاق السودانى الذي استيقظ عليه العالم صباح السبت 15 أبريل الجارى 2023 والاقتتال الذي بدأته ما تعرف(بقوات الدعم السريع)وبين الجيش السوداني الذى خرجت من رحمه تلك القوات في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي كونها رسميًا فى أغسطس 2013 وأوكل قيادتها إلى أحد رجاله المقربين الذي استخدمه فى إنهاء القلاقل فى غرب السودان (دارفور) حيث كان الرجل هو أبرز قيادات مليشيات(الجنجويد) القوية التى شكلت لاحقًا معظم قوات الدعم السريع ومنح الرجل (محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي) رتبًا عليا في الجيش السوداني -رغم عدم دراسته في أي كلية عسكرية- وصلت إلى رتبة الفريق، بما مكنه من أن يكون نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.

تتكون قوات الدعم السريع من 17 – 20 ألف مقاتل، وبالدعم الإضافى من الجنجويد يرتفع العدد إلى 35-40 ألف مقاتل. وتَستخدم عربات الدفع الرباعى المحملة بالرشاشات الثقيلة وبعض الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات، وتتلقى الدعم المركزى من القوات المسلحة من الطائرات والدبابات طبقًا للموقف والمهمة. وهو ما تفتقده حاليًا لأنها تقاتل الجيش ذاته والذي استخدم ضدها الطائرات والدبابات.

ويوجد فى تنظيمها مستشار سياسى من الخارجية وقوات شرطة من الداخلية وجهاز استخبارات خاص.حيث لا يوجد بعض ذلك لدى الجيش ذاته. وتم امتداد زمن الاقتتال لمحدودية استخدام الجيش للقوات الجوية والدبابات فى المناطق المأهولة. عكس حرية الحركة فى المناطق المفتوحة والصحراوية مثل منطقة مطار (مرَوَىِ) العسكرى الذى كانت توجد به قوات التدريب المشترك المصرية.

وهنا نشير إلى أن التدريبات المشتركة تتم  بعناصر قتال بين جيوش الدول الشقيقة والصديقة ومنها السودان  سواء فى مصر أو السودان. وتتم تلك التدريبات سواء بشكل ثنائي أو متعددة الأطراف، حيث تشارك مصر مع السعودية ومعظم دول الخليج والأردن، ومن خارج الوطن العربى مع العديد من الدول الأوروبية  والولايات المتحدة.حيث تَدرًج تدريب النجم الساطع (برايت ستار) من شكل ثنائى مظلى بين الأخيرة ومصر عام 1980 إلى 21 دولة مؤخرًا.وقد يتم بكافة الأسلحة (المشترَكَة)البرية والبحرية والجوية  أو لسلاح واحد فقط، كما يتم موخرًا مع السودان كتدريب للقوات الجوية تحت مسمى (نسور النيل) وبالتناوب بين القاهرة والخرطوم.

حدث الانشقاق العسكري السوداني أثناء الإعداد للتدريب الجوي المشترك مع السودان من مطار مرَوَي (الأبعد ما يمكن عن الحدود الإثيوبية) كما لم يُعرف الانشقاق مسبقًا وإلا ما ذهبت قواتنا، حيث تمركزت به 5 طائرات مصرية من طراز ميج 29 وسوف يشارك السودان بمثلهم من ذات الطراز الروسى، وهى مقاتلة من الجيل الرابع متعددة المهام وقادرة على السيطرة الجوية، بالإضافة إلى قوة خاصة للتأمين والمشاركة فى تدريب خاص.

وبحدوث الانشقاق واستيلاء الدعم السريع ثم الجيش على المطار، ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وخاطبت مصر الطرفين بأنها لا تدعم أحدًا منهما وتدعو إلى وقف القتال وتحملهما مسؤولية الحفاظ على أمن قواتنا لحين إعادتهم إلى أرض الوطن.حيث تم نقلهم الى مكان آمن.

وإن حدثت بعض التجاوزات من أفراد الدعم السريع، فقد اعتذر قائدهم (حميدتى) وأعلن أنهم أشقاء فى ضيافتهم. وتم نقلهم إلى مطار الخرطوم الدولي (حيث أوقف الطرفان إطلاق النارخصيصًا) الذي استقبل طائرات النقل العسكرية المصرية (سى130) لتُقلهم تباعًا إلى القاهرة. وهو ما لم تسطعه دول كبرى للإخراج المتزامن لرعاياها.

عاشت مصر حرة قوية آمنة منتصرة ..

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/76806/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M