فن الانصات: ما فوائده للإنسان؟

عزيز ملا هذال

 

في حياتنا نحتاج الى الكثير من المهارات التي تزين الحياة وتمنحها الق وجمال وتجعلها تختلف عن الحيوات الاخرى للكائنات الحية، واحدة من اهم هذه المهارات التي تعد ضرورية وليست ترفية هي مهارة الانصات التي تعرف على انها “المقدرة على استقبال الرسالة وتفسيرها بدقة في عملية التواصل، وهي المفتاح الأساسي في عملية التواصل الفعال، فبدون المقدرة على الإنصات الجيد فإن الرسالة المُراد توصيلها تصبح غير مفهومة وستنهار عملية التواصل وبالتأكيد سينزعج صاحب الرسالة ويُحبط.

ليس من الذوق ان يحدثنا احد ونحن لا هون في امور جانبية او غير مكترثين لاحاديثهم، فيشعر المتحدث انه غير مرحب بكلامه او ان كلامه ليس ذا اهمية او انه ممل، ويحدث ايضاً اننا نجلس على صفيح ساخن لانتظار دورنا في الحديث وقد لا نحتمل الدقائق القليلة وحتى الثوان فنقوم بمقاطعة المتحدث، كل هذا يحدث بسبب افتقارنا الى مهارة الانصات.

للأسف يتسيد مجالسنا الفارغون من المحتوى والمضمون اصحاب الاصوات المرتفعة الذين يجوبون المجالس طولاً وعرضاً ضناً منهم ان هذا سيجعلهم مميزين او انهم محترمين ومؤثرين.

مجتمعنا مليء بالعقد ومن هذه العقد هي عقدة الشعور بالنقص التي يشعرون بها حين يستمعون جلسائهم سيما الاصغر منهم سناً فيحاولون بشتى الوسائل التشويش على احاديثهم ارضاءاً لأمراضهم النفسية، ربما يعد كلامي مبالغ فيه عند غير المطلعين لكن الواقع يعضد ما اقول.

اود الاشارة الى موضوع مهم وهو ان التعميم في موضوع فقدان مهارة الانصات ليس بسبب الاسباب التي ذكرناها بل قد يقاطعون المتحدث او لا يأبهون لحديثهم لعدم وعيهم بثقافة المجالسة والحوار، فكثير من الناس في مجتمعنا يقبعون تحت مستويات فكرية وثقافية بسيطة لا تؤهلهم الى الاهتمام بالكثير من الامور الضرورية ومنها ثقافة الانصات والاستماع الجيد.

فوائد الانصات، من عائدات الانصات وفوائده في حياتنا الشخصية هي: خفض مستوى ضغط الدم الذي يرتفع عندما يتكلم الانسان كثيراً سيما حين يكون عصبياً، تحسن في تقدير الذات والثقة بالنفس، الحصول على علامات دراسية عالية في المدرسة والبيئة الأكاديمية، كذلك التمتع بصحة ورفاهية عامة أفضل، الحصول على عددٍ كبيرٍ من الأصدقاء والشبكات الاجتماعية.

يعطي للانسان هيبة ووقار على عكس اؤلئك الذين يتحدثون حين يعنيهم الكلام وحين لا يعنيهم، كما ان الانصات وقلة الكلام يعنيان بالضرورة تمتع الانسان بعقل كبير ومقولة الامام علي عليه السلام بهذه الخصوص هي الدليل الابلج حيث قال (من كبر عقله قل كلامه).

ويمنحنا الانصات امكانية اكتشاف المقابل ومعرفة نوع تفكيره وثقافته عبر كلامه، وحين ننصت في المجالس سيما في حالات الغضب فأن ذلك يقينا شر فلتات اللسان فـ(السمكة التي لا تفتح فمها يصعب اصطيادها) والعكس هو النتيجة الحتمية.

اما فوائد الانصات على الصعيد المهني فهي عظيمة وجلية ولأجل ذلك يدرب الكثير من ارباب العمل موظفيهم على مهارات الإنصات لان ذلك سيؤدي الى ازدياد في مشاركة المعلومات والتي بدورها ستفضي إلى عمل أكثر إبداعًا وابتكارًا، ويساعد على تفهم ما يطلبه الزبون واحضاره بالوقت المناسب وبالسرعة الممكنة، ويرفع مستوى الانتاجية ويحسن جودتها حين نستمع ونتقبل الارشادات التي تتعلق بالعمل.

وللإنصات اهمية عظمى في العمل النفسي الارشادي سواء في المؤسسات التربوية والتعليمية كالمدارس والجماعات وغيرها وفي المؤسسات الصحية النفسية، اذ يتطلب من المعالج او المرشد التمتع بالصبر والقدرة العالية في الاستماع الى مريضه وخلاف ذلك لن يتمكن من حل المشكلة لان العميل لا يصل الى مستوى مريح من الاطمئنان يجعله يتقبل المعالج ويتعامل معه بأريحية وبذا تفشل العملية برمتها.

وفي العلاقات الاسرية والزوجية ينفع الانصات في حل النزاعات والاحالة دون الذهاب الى جو متشنج ويخلق جواً من الدفء، وروح القبول المتبادل، جميع هذه الفضائل هي من توجب تفعيل الانصات في حياتنا والتمتع بها وليس العكس.

 

.

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/psychology/29766

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M